top of page

المترو وسينينه

الصورة : من جريدة المصري اليوم

المترو وسنينه



مع بداية العام الدراسي، يصبح الزحام داخل مترو الأنفاق شيئا يفوق الحد، آلاف الطلاب وأسرهم والعاملين المرتبطين بالمجال الدراسي بالإضافة إلى المستخدمين اليوميين يستخدمون المترو كأسرع وأرخص وسيلة انتقال من وإلى منازلهم ومدارسهم وجامعتهم أو أعمالهم.

وكما هو معلوم فقد خصصت الشركة المسئولة عن إدارة وتشغيل المترو عربتان في منتصف كل قطار مخصصتان للسيدات فقط إحداهما تصبح عربة ركوب مشتركة بعد التاسعة مساء.

كانت العربتان في مقدمة القطار سابقا، لكن بعد الحادث الشهير من سنوات في محطة حلوان عندما اصطدم أحد القطارات بالمصدات المخصصة لإيقافه وأكمل طريقه محطما ما أمامه بسبب قيام السائق بتشغيل نظام الفرامل الأوتوماتيكي بعدما سمع أصوات قادمة من عربة السيدات من خلفه، صراخ وعراك بين السائق والراكبات لا أجد له مبرر أو تفسير منطقي.

لكن بما أن نظام الفرامل الأوتوماتيكي لم يعمل من قبل أو حتى لم تتم تجربته فلم يعمل وأكمل القطار طريقه مسببا تلك الحادثة الشهيرة، التي كان من نتائجها تغيير موضع العربتان لتصبحا في المنتصف بدلا من المقدمة.

ما الداعي لهذا الكلام؟ الكلام هنا موجه للسادة مستخدمي المترو، لعلكم تلاحظون - وأنا منكم – أن هناك الكثير من السيدات يفضلن ركوب العربات العامة على العربات المخصصة للسيدات، وهناك شباب ورجال وأطفال يركبون عربات السيدات حتى قبل الموعد المحدد في التاسعة من مساء كل يوم بحجة أنه سيتأخر عن عمله أو دراسته، والله وحده أعلم بالنوايا، فما نية السيدات المحترمات من الركوب في العربات العامة وما نية الرجال المحترمين من ركوب عربات مخصصة للسيدات فقط.

سألت مرة أحد الزميلات، وكانت حاملا وقتها، هل تركبين عربة السيدات أم العربات العامة؟ فأجابت بأنها عندما تكون بمفردها تركب عربة السيدات، وعندما تكون مع زوجها تركب العربة العامة.

دفعني ذلك لسؤالها مرة أخرى، هل عندما تركبين عربة السيدات وأنتِ حامل هل قامت إحدى الراكبات بترك مقعدها لكِ بسبب حملك؟، الإجابة كانت صادمة: لا، لم يحدث لمرة واحدة، على الرغم من ظهور علامات الحمل عليها.

وإمعانا في تحري الدقة سألت شقيقتي نفس السؤال فأجابت هي الأخرى بالنفي، لقد شاهدت مرات عديدة كمستخدم يومي مشادات كثيرة بين الراكبات، فمن الطبيعي أنه بسبب تلك المشكلة أو المشادات أو الزحام الشديد تضطر بعض السيدات للركوب في العربات العامة متحملة ما قد يحدث لها من عقبات نتيجة الزحام والتدافع وأصحاب النوايا السيئة، ولا ننسي البائعين المتجولين والشحاذون والمتحرشون واللصوص.

وبالطبع لا ننسي الخصوصيات، التي يمكن ان تقول لها وداعا، انتهاك واضح للخصوصيات بداية من الممسك بجريدة يتصفح محتوياتها إلى أحد الشباب الممسك بهاتفه يتصفح الانترنت أو يتحدث مع أحد ما عبر تطبيقات التواصل المختلفة.

مواقف كثيرة تحدث يوميا ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:

"ذات مرة اثناء رحلة عودتي من محطة الجيزة، ركب رجل كبير في السن المترو وبدأ في استعطاف الناس بصوت باكي قائلا (أنا كنت شغال أمن في بنك ورجلي انكسرت وركبت شريحة ومسامير ورفدوني.. والنبي ساعدوني) كررها كثيرا وحصل على بعض الجنيهات، ثم نزلت أنا في محطة السادات وركبت من اتجاه المرج لأجد ذلك الرجل يركب المترو من محطة مبارك - كان ذلك اسم المحطة قبل تغييرها - ليركب ويبدأ وصلة جديدة في استعطاف الناس قائلا هذه المرة (أنا جزمجي ورجلي انكسرت ومش عارف اشتغل عشان كبرت.. ساعدوني الهي يستر عرضكم)، أصابني الذهول، وعندما أخبرت أحد الأصدقاء بهذا الموقف قال بعد أن ضحك (طبعا، المترو الجديد - يقصد خط المنيب/شبرا الخيمة - نضيف ولسه جديد، انما المترو المعفن اللي احنا بنركبه - يقصد هنا خط المرج/حلوان - لازم يغير من أمن في بنك لجزمجي)، ومن سوء حظ هذا الشحاذ أن لم يتحصل على جنيه واحد من هذه العربية فخرج منها مكملا رحلة البحث عن أشخاص آخرون ليستعطفهم سواء بحجة قديمة أو جديدة، حسبما ما يقدرعليه من ابداع.

موقف آخر، لكن مع شحاذة هذه المرة:

" ركبت فتاة عشرينية عمياء المترو، وبدأت عملها في استجداء عطف الناس بصوت باكي جدا وبتأثر شديدة قائلة (ساعدوني والنبي، ربنا يوسع عليكم، وغيرها من عبارات الاستعطاف، وفي منتصف العربة كان يقف أميني شرطة يتحدثان وما ان رأي أحدهما الفتاة قال لها (إيه يا بت، المرة دي عاملة عامية)، لتنتفض الفتاة ويرتد لها بصرها بقدرة قادر وتقول (خلاص والنبي يا باشا مش هعمل كده تاني) ليرد عليها أمين الشرطة الذي كشفها ويبدو أنه يعرفها جيدا قائلا (أنزلي يا بنت الجزمة من هنا)، لتخرج بالفعل من العربة، وتنفجر العربة من الضحك."

هل تريدون مواقف أخرى؟ حسنا:

موقف أخر مع أحد الباعة المتجولين:

" بائع متجول يبيع ماكينات كهربائية لحلاقة الذقن بخمسة جنيهات، ينادي على بضاعته باحترافية، لكن لم يعره أحدا من الركاب اهتماما، الا شخص واحد اخذ واحدة وفحصها ثم اشتري اثنان، وبدأ الزبائن في الشراء، خرج البائع لعربة أخرى، لكن الصدفة وحدها كشفت اللعبة، البائع وأول مشتري في أحد المحطات يتقاسمان الحصيلة، حيث أن المشتري الأول يعمل مع البائع بنظام -جر رجل الزبون- لتحقيق مبيعات.

موقف ثان مع أحد الباعة المتجولين:

" بائع متجول أخر يبيع فواحات عطرية - الثلاثة بخمسة جنيه - وجدته في إحدى المحطات يرش عطرا من زجاجة معه على بضاعته ليعطيها رائحة قوية قبل ركوبه المترو وذلك إمعانا في تغفيل الزبون.

المواقف كثيرة جدا تحدث معكم كما تحدث معي،

وعلى حسب ما تجود به الذاكرة، فإن الشركة المسئولة عن إدارة المترو، كانت تذيع تنويهات في الإذاعة الداخلية للمحطات بعدم التعامل مع البائعة المتجولين والشحاذون، لماذا تلقي المسئولية وحدها على الراكب بعدم التعامل، أين دور إدارة المترو وشرطة مترو الأنفاق؟

أنا لا أمانع أن يكسب ذلك البائع المتجول قوته من عمله كبائع، فالحياة صعبة والظروف أصعب تلك التي تدفع رجلا أو سيدة للعمل تجوالا بين محطات المترو وعرباته، بل يجب احتوائهم في أماكن منظمة ومخصصة توفر لهم طريقة آدمية لكسب أقواتهم.

أما عن اللصوص، فحدث ولا حرج، فحوادث السرقة كثيرة، وربما أشهرها سرقة الهواتف المحمولة، فذات مرة سرق هاتف أحد الزملاء وهو جالس بجوار الباب يتحدث في التليفون حيث سرقه اللص قبل إغلاق الباب وقد تحرك القطار بسرعة وقتها ولم يتمكن من النزول واللحاق بالسارق، موقف آخر مع أحد السيدات وكانت تتحدث هي الأخرى حيث سرقه لص يقف في بداية رصيف المحطة ويبدو أنه كان مستعدا لذلك ومراقبا لتللك السيدة أو باللغة العامية - مسقم عليها - فألتقطه في خفة اثناء تحرك المترو بسرعة كبيرة، تاركا السيدة تصرخ.

خلاصة القول، هناك بالفعل أخطاء لكنها أخطاء مشتركة بين الراكبين وإدارة تشغيل المترو وشرطة مترو الأنفاق والشركة المسئولة عن تأمين محطات المترو، فيجب على القائمين على إدارة وتشغيل المترو والجهات المعاونة لها على تحري الدقة وتشديد الإجراءات الأمنية أكثر من ذلك منعا لحدوث أي مشكلات وكذلك العمل المستمر على تطوير وصيانة المحطات والقطارات، ويجب كذلك على السادة الراكبين والراكبات توخي الحذر وإيقاف التعامل مع الباعة المتجولين، وتجاهل الشحاذين والالتزام بالتعليمات المنظمة مثل عدم اعتراض الأبواب أثناء غلقها واستخدام الأماكن المخصصة للدخول والخروج من المحطات، ويجب كذلك على إدارة المترو مراعاة أوقات الذروة وخصوصا زمن التقاطر، علما بأن اليوم كله أصبح وقت ذروة وليس ساعات محددة في اليوم.





Featured Posts
Check back soon
Once posts are published, you’ll see them here.
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
bottom of page